الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ كأنك تراه ـ الجزء الرابع ـ
5 مشترك
كاتب الموضوع
رسالة
عمار جعيل الإدارة
عدد الرسائل : 1223 العمر : 57 تاريخ التسجيل : 21/11/2007
موضوع: الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ كأنك تراه ـ الجزء الرابع ـ السبت أبريل 26, 2008 4:36 pm
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أيها الأفاضل : السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
خامسا : محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ زاهدا :
كان زهده ـ صلى الله عليه وسلم ـ زهد من علم فناء الدنيا وسرعة زوالها وقلّة زادها وقصر عمرها، وبقاء الآخرة وما أعدّه الله لأوليائه فيها من نعيم مقيم وأجر عظيم وخلود دائم، فرفض ـ صلى الله عليه وسلم ـ الأخذ من الدّنيا إلا بقدر ما يسدّ الرّمق ويقيم العود، مع العلم أنّ الدّنيا عرضت عليه وتزيّنت له وأقبلت إليه، ولو أراد جبال الدّنيا أن تكون ذهبا وفضّة لكانت، بل آثر الزهد والكفاف، فربّما بات جائعا ويمرّ الشهر لا توقد في بيته نار، ويستمر الأيام طاويا لا يجد رديء التمر يسدّ به جوعه، وما شبع من خبز الشعير ثلاث ليال متواليات، وكان ينام على الحصير حتى أثّر في جنبه، وربط الحجر على بطنه من الجوع، وكان ربما عرف أصحابه أثر الجوع في وجهه .
وكان بيته من طين، متقارب الأطراف، داني السّقف، وقد رهن درعه في ثلاثين صاعا من شعير عند يهودي، وربّما لبس إزارا ورداء فحسب، وما أكل على خوان قط، وكان أصحابه ربّما أرسلوا له الطعام لما يعلمون من حاجته إليه، كلّ ذلك إكراما لنفسه عن أدران الدّنيا، وتهذيبا لروحه وحفظا لدينه ليبقى أجره كاملا عند ربه، وليتحقق له وعد مولاه (( وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (5) )) الضحى .
فكان يقسم الأموال على النّاس ثم لا يحوز منها درهما واحدا، ويوّزع الإبل والبقر والغنم على الأصحاب والأتباع والمؤلفة قلوبهم ثم لا يهب بناقة ولا بقرة ولا شاة، بل يقول : (( لو كان لي كعضاة ـ أي شجر ـ تهامة مالا لقسمته ثم لا تجدوني بخيلا ولا كذابا ولا جبانا )). أخرجه مالك في الموطأ 977، والطبراني في الأوسط 1864 والكامل لابن عدي 3\97.
وراودته الجبال الشمّ من ذهب عن نفسه فأراها أيما شمــــــم
بل و كان الأسوة العظمى في الإقبال على الآخرة وترك الدّنيا وعدم الإلتفات إليها أو الفرح بها أو جمعها أو التلذذ بطيباتها أو التنعم بخيراتها، فلم يبن قصرا، ولم يدّخر مالا، ولم يكن له كنز ولا جنّة يأكل منها، ولم يخلف بستانا ولا مزروعة، وهو القائل : (( لا نورّث، ما تركناه صدقة )) أخرجه البخاري [3039، 3712] ومسلم برقم 1758 وكان يدعو بقوله وفعله وحاله الى الزهد في الدنيا والاستعداد للآخرة والعمل.
ما نظر إليه ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو إمام المسلمين وقائد المؤمنين وأفضل الناس أجمعين يسكن في بيت طين وينام على حصير بال ويبحث عن تمرات تقيم صلبه، وربما اكتفى باللبن.
بل خُيّر بين أن يكون ملكا رسولا أو عبدا رسولا فاختار أن يكون عبدا رسولا، يشبع يوما ويجوع يوما، حتى لقي الله عز وجل.
ومن زهده في الدنيا سخاؤه وجوده كما تقدّم، فكان لا يردّ سائلا ولا يحجب طالبا ولا يخيّب قاصدا، وأخبر أن الدّنيا لا تساوي عند الله جناح بعوضة، وقال : (( كن في الدّنيا كأنّك غريب او عابر سبيل )) أخرجه البخاري 6416 عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ .
ويروى عنه أنه قال : (( ازهد في الدّنيا يحبّك الله، وازهد فيما عند الناس يحبك الناس )) أخرجه ابن ماجه 4102 والطبراني في الكبير 10522 والحاكم 7833 عن سهل بن سعد الساعدي.
وقال : (( مالي وللدنيا، إنّما مثلي ومثل الدّنيا كمثل رجل قال في ظل شجرة ثم قام وتركها )) أخرجه أحمد [3701، 4196] والترمذي 2377، وابن ماجه 4109 عن عبدالله بن مسعود ، وقال الترمذي حسن صحيح .
وقال : (( الدنيا ملعونة، ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه وعالما أو متعلما )) أخرجه الترمذي 2322 وابن ماجه 4112 عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ .
وقال : (( ليس لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدّقت فأمضيت )) أخرجه مسلم 2958.
سادسا : محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ متواضعا :
كان ـ صلى الله عليه وسلم ـ عجيبا في ذلك، فتواضعه تواضع من عرف ربّه مهابة، واستحيا منه وعظمه وقدّره حقّ قدره، وتطامن له وعرف حقارة الجاه والمال والمنصب، فسافرت روحه إلى الله وهاجرت نفسه الى الدار الآخرة، فما عاد يعجبه شيء مما يعجب أهل الدنيا، فصار عبدا لربه بحق : يتواضع للمؤمنين، يقف مع العجوز ويزور المريض ويعطف على المسكين، ويصل البائس ويواسي المستضعفين ويداعب الأطفال ويمازح الأهل ويكلم الأمة، ويواكل الناس ويجلس على التراب وينام على الثرى، ويفترش الرمل ويتوسّد الحصير، قد رضي عن ربّه، فما طمع في شهرة أو منزلة أو مطلب أرضي أو مقصد دنيوي، يكلّم النساء بلطف، ويخاطب الغريب بودّ، ويتألف الناس ويتبسّم في وجوه أصحابه يقول : (( إنما أنا عبد: آكل كما يأكل العبد واجلس كما يجلس العبد )) أخرجه ابن أبي عاصم في الزهد 1\6، وابن سعد في الطبقات 1\371 وانظر كشف الخفاء 1\17 .
ولما رآه رجل ارتجف من هيبته قال : (( هوّن عليك، فإنّي ابن امرأة كانت تأكل القدّيد بمكة )) أخرجه ابن ماجه 3312، والحاكم 4366 عن ابن مسعود، وانظر الكامل لابن عدي 6\286.
وكان يكره المدح، وينهى عن إطرائه ويقول : (( لا تطروني كما أطرت النّصارى عيسى بن مريم، فإنما أنا عبدالله ورسوله، فقولوا عبدالله ورسوله )) أخرجه البخاري 3445 عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ .
وكان ينهى أن يقام له، وأن يوقف على رأسه، وكان يجلس حيثما انتهى به المجلس، وكان يختلط بالنّاس كأنّه أحدهم، ويجيب الدعوة ويقول : (( لو دعيت الى كراع لأجبت، ولو أهدي إليّ ذراع لقبلت )) أخرجه البخاري [2568، 5178].
وكان يحبّ المساكين، ويروى عنه قوله : (( اللّهم أحيني مسكينا وأمتني مسكينا، واحشرني في زمرة المساكين )) أخرجه الترمذي 2352 عن أنس ـ رضي الله عنه ـ ، وابن ماجه 4126 والحاكم 7911 عن أبي سعيد الخدري وصححه.
وكان يحرّم الكبر وينهى عنه ويبغض أهله ويقول : (( يحشر المتكبرون يوم القيامة في صورة الذر، يغشاهم الذل من كل مكان )) أخرجه أحمد 6639، والترمذي 2492، انظر كشف الخفاء 3236.
ويروي عن ربه أنه قال : (( الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري، فمن نازعني واحدا منها قذفته في النار )) أخرجه مسلم 2620 وأبو داود 4090 واللفظ له.
فكان ـ صلى الله عليه وسلم ـ محبّبا إلى القلوب : تأخذه الجارية بيده فيذهب معها، ويزور أم أيمن وهي مولاة ، ولمّا مدحه وفد عامر بن صعصعة وقالوا : أنت خيرنا وأفضلنا وسيدنا وابن سيدنا قال لهم : (( يا أيها الناس! قولوا بقولكم أو ببعض قولكم، لا يستجريّنكم الشيطان )) أخرجه أحمد 15876 وأبو داود 4806 .
وغضب لما قال له رجل : ما شاء الله وشئت، وقال : (( ويحك! أجعلتني والله عدلا؟ بل ما شاء الله وحده )) أخرجه أحمد [1842، 2557] والنسائي في السنن الكبرى 10825 عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ .
وكان يحمل حاجة أهله ويخصف نعله ويرقّع ثوبه ويكنس بيته ويحلب شاته ويقطع اللّحم مع أهله، ويقرّب الطعام لضيفه، ويباسط زوّاره ويسأل عن أخبارهم، ويتناوب ركوب الراحلة مع رفيقه، ويلبس الصّوف ويأكل الشعير، وربّما مشى حافيا، وينام في المسجد، ويركب الحمار، ويردف على الدابة، ويعاون الضعيف ويتفقد السرية، ويكون في آخرهم فيساعد من احتاج، ويرافق الوحيد منهم..
ـ فصلى الله عليه وسلم ـ ما تحرّك بذكره اللّسان، وسارت بأخباره الرّكبان، وردّد حديثه الإنس والجان.
ـــــــــــــــــــــــ يتبع إن شاء الله بالجزء الخامس ــــــــــــــــــــــ
عدل سابقا من قبل عمار جعيل في الأحد ديسمبر 28, 2008 1:13 am عدل 2 مرات
مؤمن
عدد الرسائل : 75 العمر : 54 تاريخ التسجيل : 13/04/2008
موضوع: رد: الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ كأنك تراه ـ الجزء الرابع ـ الثلاثاء أبريل 29, 2008 1:33 am
ـ فصلى الله عليه وسلم ـ ما تحرّك بذكره اللّسان، وسارت بأخباره الرّكبان، وردّد حديثه الإنس والجان . جزاك الله خيرا أستاذنا و شيخنا الكريم على ما تنتقيه لنا من علم نافع و دروس بليغة ، يسّر الله أمرك ، و نصرك على عدوك ، و أنار قبرك .
عمار جعيل الإدارة
عدد الرسائل : 1223 العمر : 57 تاريخ التسجيل : 21/11/2007
موضوع: رد: الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ كأنك تراه ـ الجزء الرابع ـ السبت مايو 03, 2008 2:20 pm
مؤمن كتب:
ـ فصلى الله عليه وسلم ـ ما تحرّك بذكره اللّسان، وسارت بأخباره الرّكبان، وردّد حديثه الإنس والجان . جزاك الله خيرا أستاذنا و شيخنا الكريم على ما تنتقيه لنا من علم نافع و دروس بليغة ، يسّر الله أمرك ، و نصرك على عدوك ، و أنار قبرك .
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
اللهم آمين ، جزاك الله خيرا أخي الكريم " مؤمن " على المرور و الدعاء نفعني الله و إياك بالقرآن الكريم و سنة الأمين ـ صلى الله عليه وسلم ـ
lion مراقب
عدد الرسائل : 861 تاريخ التسجيل : 17/01/2008
موضوع: رد: الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ كأنك تراه ـ الجزء الرابع ـ الأحد مايو 25, 2008 11:49 pm
صلى الله عليه وسلم جزاك الله كل خير استاذنا الكريم عمار جعيل
oO-djalal-Oo
عدد الرسائل : 119 العمر : 35 الموقع : www.startimes2.com تاريخ التسجيل : 31/01/2008
موضوع: رد: الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ كأنك تراه ـ الجزء الرابع ـ الإثنين مايو 26, 2008 1:26 am
السلام عليكم :
مكور استاذنا الكريم وبارك الله فيك وجزاك كل خير ووفقك لما فيه خير للعباد انشاء الله مشكور جزيل الشكر
عمار جعيل الإدارة
عدد الرسائل : 1223 العمر : 57 تاريخ التسجيل : 21/11/2007
موضوع: رد: الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ كأنك تراه ـ الجزء الرابع ـ السبت يونيو 07, 2008 8:12 pm
lion كتب:
صلى الله عليه وسلم جزاك الله كل خير استاذنا الكريم عمار جعيل
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
جزاك الله خيرا أخي الفاضل " الطاهر " مشكور على المرور ، وفقك الله و سدد خطاك و أنار دربك .
عمار جعيل الإدارة
عدد الرسائل : 1223 العمر : 57 تاريخ التسجيل : 21/11/2007
موضوع: رد: الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ كأنك تراه ـ الجزء الرابع ـ السبت يونيو 07, 2008 8:15 pm
oO-djalal-Oo كتب:
السلام عليكم :
مكور استاذنا الكريم وبارك الله فيك وجزاك كل خير ووفقك لما فيه خير للعباد ان شاء الله مشكور جزيل الشكر
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
اللهم آمين ، جزاك الله خيرا أخي الكريم " جلال " مشكور على المرور و التعقيب ، بارك الله فيك و وفقك و سدد خطاك.
أصيل عضو فعال
عدد الرسائل : 156 العمر : 51 تاريخ التسجيل : 12/11/2007
موضوع: رد: الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ كأنك تراه ـ الجزء الرابع ـ الجمعة يونيو 13, 2008 1:56 am
بسم الله الرحمن الرحيم
جزاك الله خيرا شيخنا الفاضل على هذه السلسلة الرائعة من سيرة خير الخلق محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ حشرني الله و إياك في زمرته ، بارك الله فيك .
عمار جعيل الإدارة
عدد الرسائل : 1223 العمر : 57 تاريخ التسجيل : 21/11/2007
موضوع: رد: الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ كأنك تراه ـ الجزء الرابع ـ الأربعاء يونيو 18, 2008 2:30 pm
أصيل كتب:
بسم الله الرحمن الرحيم
جزاك الله خيرا شيخنا الفاضل على هذه السلسلة الرائعة من سيرة خير الخلق محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ حشرني الله و إياك في زمرته ، بارك الله فيك .
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
اللهم آمين ، بارك الله فيك أخي الفاضل " أصيل " نفعنا الله جميعا بما نقرأ أو نكتب و رزقنا الإخلاص في القول و العمل و أحسن خاتمتنا .
الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ كأنك تراه ـ الجزء الرابع ـ