الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين وآله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمّا بعد:
فاعلم -وفقك الله- أنَّ التشبه بالكفار فيما هو من خصائصهم يعدُّ من مظاهر موالاتهم سواء كان التشبه بهم في عباداتهم كشعائر دينهم أو من عاداتهم وأنماط حياتهم وسلوكهم وسمتهم وأخلاقهم كحلق اللحية وإطالة الشارب، أو كهيئة لباسهم، أو أسلوب كلامهم، ورطانة لغتهم إلاَّ ما استثنته الحاجة، أو طريقة أكلهم، وشربهم التي يعرفون بها، فإنَّ ذلك من التشبه الذي ورد فيه النهي في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: "مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ"(١)، ولا يخرج عن هذا المعنى لُبس القميص الرياضي الذي يحمل شعار فريق أوروبي من الأندية الكافرة، وإن طمست العلامة الدالة على الفريق مادام معروفًا عند الناس بشكله وألوانه أنه من ذلك النادي الكافر فهو قميص معدود من خصائصهم.
فالحاصل أنَّ التشبه بهم في المظهر فيما فعلوه على خلاف مقتضى شرعنا أو كان من خصائصهم دينا ودنيا فإنَّ ذلك يدلُّ على محبَّتهم في المخبر، وقد حرَّم الله على المؤمن اتخاذ الكفار أولياء ومودتهم، قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ﴾[الممتحنة:1]، وقال تعالى: ﴿يَأَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا لاَتَتَّخِذُوا اليَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلهَُّمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي القَوْمَ الظَالمِينَ﴾ [المائدة: 51].
والعلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلم تسليما.