عدد الرسائل : 1223 العمر : 57 تاريخ التسجيل : 21/11/2007
موضوع: فضل يوم النحر و بعض آدابه و أحكامه الإثنين ديسمبر 10, 2007 6:24 pm
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ أيها الأفاضل : السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
تحدثنا في الموضوع السابق عن فضل العشر من ذي الحجة ، و أرجأنا الحديث عن فضل يوم النحر ، و مما جاء فيه ما كتبه ابن العثيمين ـ رحمه ـ ، نسأل الله تعالى أن يغفر ذنوبنا و يستر عيوبنا و يؤمن روعاتنا و يصلح ذريتنا و يطهر قلوبنا و ألسنتنا و يختم بالباقيات الصالحات أعمالنا . يغفل عن ذلك اليوم العظيم كثير من المسلمين وعن جلالة شأنه وعظم فضله الجمّ الغفير من المؤمنين ، هذا مع أن بعض العلماء يرى أنه أفضل أيام السنة على الإطلاق حتى من يوم عرفة ، قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ : " خير الأيام عند الله يوم النحر، وهو يوم الحج الأكبر " كما في سنن أبي داود عنه قال : (( إن أعظم الأيام عند الله يوم النحر، ثم يوم القرِّ )) ويوم القرّ هو يوم الاستقرار في منى ، وهو اليوم الحادي عشر ، وقيل : يوم عرفة أفضل منه لأن صيامه يكفر سنتين ، وما من يوم يعتق الله فيه الرقاب أكثر منه في يوم عرفة ، ولأنه سبحانه وتعالى يدنو فيه من عباده ، ثم يُباهي ملائكته بأهل الموقف ، والصّواب القول الأول لأن الحديث الدال على ذلك لا يعارضه شيء.
وسواء كان هو أفضل أم يوم عرفة فليحرص المسلم حاجّا كان أو مقيما على إدراك فضله وانتهاز فرصته.
بماذا تُستقبل مواسم الخير ؟ :
1 - حريٌ بالمسلم أن يستقبل مواسم الخير عامة بالتوبة الصادقة النصوح وبالإقلاع عن الذنوب والمعاصي ، فإن الذنوب هي التي تحرم الإنسان فضل ربه ، وتحجب قلبه عن مولاه.
2 - كذلك تُستقبل مواسم الخير عامة بالعزم الصّادق الجادّ على اغتنامها بما يرضي الله عز وجل فمن صدق الله صدقه الله: (( وَالَّذِينَ جَاهَدُواْ فِينَا لَنَهدِيَنَّهُمّ سُبُلَنَا )) [العنكبوت:69].
فيا أخي المسلم احرص على اغتنام هذه الفرصة السانحة قبل أن تفوتك فتندم، ولات ساعة مندم.
وفقني الله وإيّاك لاغتنام مواسم الخير، ونسأله أن يعيننا فيها على طاعته وحسن عبادته.
بعض أحكام الأضحية ومشروعيتها :
الأصل في الأضحية أنها مشروعة في حق الأحياء ، كما كان رسول الله وأصحابه يضحون عن أنفسهم وأهليهم ، وأما ما يظنه بعض العامة من اختصاص الأضحية بالأموات فلا أصل له ، والأضحية عن الأموات على ثلاثة أقسام :
الأول : أن يضحي عنهم تبعا للأحياء مثل أن يضحي الرجل عنه وعن أهل بيته، وينوي بهم الأحياء والأموات ، وأصل هذا تضحية النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عنه وعن أهل بيته وفيهم من قد مات من قبل.
الثاني : أن يضحي عن الأموات بمقتضى وصاياهم تنفيذا لها وأصل هذا قوله تعالى: (( فَمَن بَدَّلَهُ بَعدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِلُونَهُ إِنَّ اللهَ سَمِيع عَلِيمٌ )) [البقرة:181].
الثالث : أن يُضحي عن الأموات تبرعا مستقلين عن الأحياء ، فهذه جائزة و قد نص فقهاء الحنابلة على أن ثوابها يصل إلى الميت وينتفع بها قياسا على الصدقة عنه ، ولكن لا نرى أن تخصيص الميت بالأضحية من السنّة لأن النبي لم يضح عن أحد من أمواته بخصوصه ، فلم يضح عن عمه حمزة و هو من أعزّ أقاربه عنده ، ولا عن أولاده الذين ماتوا في حياته ، وهنّ ثلاث بنات متزوجات وثلاثة أبناء صغار ، ولا عن زوجته خديجة و هي من أحب نسائه ، ولم يرد عن أصحابه في عهده أن أحدا منهم ضحى عن أحد من أمواته.
ونرى أيضا من الخطأ ما يفعله بعض الناس، يضحون عن الميت أول سنة يموت أضحية يسمونها ( أضحية الحفرة ) ، ويعتقدون أنه لا يجوز أن يشرك معه في ثوابها أحد ، أَو يضحّون عن أمواتهم تبرعا أو بمقتضى وصاياهم ، ولا يضحّون عن أنفسهم وأهليهم ، ولو علموا أن الرجل إذا ضحى من ماله عن نفسه وأهله شمل أهله الأحياء والأموات لما عدلوا عنه إلى عملهم ذلك.
ما يجتنبه من أراد الأضحية :
إذا أراد أحد أن يضحي ودخل شهر ذي الحجة إما برؤية هلاله أو إكمال ذي القعدة ثلاثين يوما فإنه يحرم عليه أن يأخذ شيئا من شعره أو أظفاره أو جلده حتى يذبح أضحيته ، لحديث أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (( إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره )) [رواه أحمد ومسلم] ، و في لفظ: (( فلا يمسَّ من شعره ولا بشره شيئا حتى يضحي )) وإذا نوى الأضحية أثناء العشر أمسك عن ذلك من حين نيته ، ولا إثم عليه فيما أخذه قبل النية. والحكمة في هذا النهي أنَّ المضحي لما شارك الحاج في بعض أعمال النسك وهو التقرب إلى الله تعالى بذبح القربان شاركه في بعض خصائص الإحرام من الإمساك عن الشعر ونحوه ، وعلى هذا فيجوز لأهل المضحي أن يأخذوا في أيام العشر من شعورهم وأظفارهم وأبشارهم. وهذا الحكم خاص بمن يضحّي ، أما المضحَّى عنه فلا يتعلق به لأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : (( وأراد أحدكم أن يضحي...)) ولم يقل : أو يضحّى عنه و لأن النبي كان يضحّي عن أهل بيته و لم يُنقل عنه أنه أمرهم بالإمساك عن ذلك. وإذا أخذ من يريد الأضحية شيئا من شعره أو ظفره أو بشرته فعليه أن يتوب إلى الله تعالى ولا يعود و لا كفارة عليه ، ولا يمنعه ذلك عن الأضحية كما يظن بعض العوام. وإذا أخذ شيئا من ذلك ناسيا أو جاهلا أو سقط الشعر بلا قصد فلا إثم عليه، وإن احتاج إلى أخذه فله أخذه ولا شيء عليه ، مثل أن ينكسر ظفره فيؤذيه فيقصّه ، أو ينزل الشعر في عينيه فيزيله ، أو يحتاج إلى قصّه لمداواة جرح ونحوه.
أحكام وآداب عيد الأضحى المبارك :
أخي الحبيب : نُحييك بتحية الإسلام ونقول لك : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ونهنئك مقدما بقدوم عيد الأضحى المبارك ونقول لك: تقبل الله منا ومنك ، ونرجو أن تقبل منا هذه الرسالة التي نسأل الله عز وجل أن تكون نافعة لك ولجميع المسلمين في كل مكان.
أخي المسلم : الخير كل الخير في اتباع هدي الرسول في كل أمور حياتنا، والشر كل الشر في مخالفة هدي نبينا ، لذا أحببنا أن نذكرك ببعض الأمور التي يستحبّ فعلها أو قولها في ليلة عيد الأضحى المبارك ويوم النحر وأيام التشريق الثلاثة ، وقد أوجزناها لك في نقاط هي:
1) التكبير: يشرع التكبير من فجر يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق وهو الثالث عشر من شهر ذي الحجة ، قال تعالى: (( وَاذكُرُواْ اللهَ فِي أَيَامٍ مَعدُودَاتٍ )) [البقرة:203]. وصفته أن تقول : " الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد " ويسن جهر الرجال به في المساجد والأسواق والبيوت وأدبار الصلوات إعلانا بتعظيم الله وإظهارا لعبادته وشكره.
2) ذبح الأضحية : ويكون ذلك بعد صلاة العيد لقول رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (( من ذبح قبل أن يصلي فليعد مكانها أخرى، ومن لم يذبح فليذبح )) [رواه البخاري ومسلم] ووقت الذبح أربعة أيام ، يوم النحر وثلاثة أيام التشريق ، لما ثبت عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال : (( كل أيام التشريق ذبح )) [السلسلة الصحيحة:2476].
3) الاغتسال والتطيب للرجال و لبس أحسن الثياب : بدون إسراف ولا إسبال ولا حلق لحية فهذا حرام، أما المرأة فيشرع لها الخروج إلى مصلى العيد بدون تبرج ولا تطيب، فلا يصح أن تذهب لطاعة الله والصلاة ثم تعصي الله بالتبرج والسفور والتطيب أَمام الرجال.
4) الأكل من الأضحية : كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لا يطعم حتى يرجع من المصلى فيأكل من أضحيته [زاد المعاد:1/441].
5) الذهاب إلى مصلى العيد ماشيا إن تيسّر : والسنة الصلاة في مصلى العيد إلا إذا كان هناك عذر من مطر مثلا فيصلى في المسجد لفعل الرسول .
6) الصلاة واستحباب حضور الخطبة : والذي رجحه المحققون من العلماء مثل شيخ الإسلام ابن تيمية أن صلاة العيد واجبة لقوله تعالى : (( فَصَلِّ لِرَبِكَ وَانحَر )) [الكوثر:2] ولا تسقط إلا بعذر، والنساء يشهدن العيد مع المسلمين حتى الحُيَّض والعواتق، ويعتزل الحُيَّض المصلى.
7) مخالفة الطريق : يستحب لك أن تذهب إلى مصلى العيد من طريق وترجع من طريق آخر لفعل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ .
التهنئة بالعيد : لثبوت ذلك عن صحابة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ .
واحذر أخي المسلم من الوقوع في بعض الأَخطاء التي يقع فيها الكثير من الناس والتي منها:
** اللهو أيام العيد بالمحرمات كسماع الأغاني، ومشاهدة الأفلام، واختلاط الرجال بالنساء اللآتي لسن من المحارم، وغير ذلك من المنكرات.
** أخذ شيء من الشعر أو تقليم الأظافر قبل أن يُضَحّى من أراد الأضحية لنهي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن ذلك.
** الإسراف والتبذير بما لا طائل تحته ، و لا مصلحة فيه ، ولا فائدة منه لقول الله تعالى : (( و َلا تُسرِفُوا إِنّهُ لا يُحِبُّ المُسرِفِينَ )) [الأنعام:141].
و ختاما : لا تنس أخي المسلم أن تحرص على أعمال البر والخير من صلة الرحم ، وزيارة الأقارب ، وترك التباغض والحسد والكراهية ، وتطهير القلب منها ، والعطف على المساكين والفقراء والأيتام ومساعدتهم وإدخال السرور عليهم.
نسأل الله أن يوفقنا لما يحب ويرضى ، وأن يفقهنا في ديننا.
أخوكم : عمار
عدل سابقا من قبل عمار جعيل في الإثنين نوفمبر 21, 2011 9:06 pm عدل 7 مرات
لخضر الإدارة
عدد الرسائل : 468 العمر : 64 تاريخ التسجيل : 06/11/2007
موضوع: رد: فضل يوم النحر و بعض آدابه و أحكامه الإثنين ديسمبر 10, 2007 10:03 pm
[img][/img]
عمار جعيل الإدارة
عدد الرسائل : 1223 العمر : 57 تاريخ التسجيل : 21/11/2007
موضوع: رد: فضل يوم النحر و بعض آدابه و أحكامه الثلاثاء ديسمبر 11, 2007 3:51 pm
لخضر كتب:
[img][/img]
مشكور و مأجور إن شاء الله أخي الفاضل " لخضر " نفعنا الله جميعا بما نكتب أو نقرأ ، حفظك الله و نفع بك
أخوك : عمار
أصيل عضو فعال
عدد الرسائل : 156 العمر : 51 تاريخ التسجيل : 12/11/2007
موضوع: رد: فضل يوم النحر و بعض آدابه و أحكامه الثلاثاء ديسمبر 11, 2007 11:43 pm
الكبير يبقى دائما كبيرا ، و الكريم يبقى كريما جزاك الله خيرا شيخنا على ما تفضلت به أثقل الله به ميزان حسناتك و شفاك الله و عافاك
أخوك : أصيل
عمار جعيل الإدارة
عدد الرسائل : 1223 العمر : 57 تاريخ التسجيل : 21/11/2007
موضوع: رد: فضل يوم النحر و بعض آدابه و أحكامه الجمعة ديسمبر 14, 2007 7:05 pm
أصيل كتب:
الكبير يبقى دائما كبيرا ، و الكريم يبقى كريما جزاك الله خيرا شيخنا على ما تفضلت به أثقل الله به ميزان حسناتك و شفاك الله و عافاك
أخوك : أصيل
اللهم اجعلني خيرا مما يظنون و اغفر لي ما لا يعلمون و رزقني و إياك أخي الكريم " أصيل " الإخلاص في القول و العمل و أحسن خاتمتنا .
أخوك : عمار
صافي عضونشيط
عدد الرسائل : 71 العمر : 52 تاريخ التسجيل : 02/12/2007
موضوع: رد: فضل يوم النحر و بعض آدابه و أحكامه الثلاثاء ديسمبر 18, 2007 7:15 pm
جزاك الله خيرا شيخنا ، و بارك الله فيك و عيدكم مبارك و تقبل الله منا و منكم صالح الأعمال .
عمار جعيل الإدارة
عدد الرسائل : 1223 العمر : 57 تاريخ التسجيل : 21/11/2007
موضوع: رد: فضل يوم النحر و بعض آدابه و أحكامه السبت ديسمبر 22, 2007 10:51 pm
صافي كتب:
جزاك الله خيرا شيخنا ، و بارك الله فيك و عيدكم مبارك و تقبل الله منا و منكم صالح الأعمال .
منا و منكم أخي الفاضل " صافي " ، جزاك الله خيرا وفقك الله و سدد خطاك و أنار دربك .
أخوك : عمار
مؤمن
عدد الرسائل : 75 العمر : 54 تاريخ التسجيل : 13/04/2008
موضوع: رد: فضل يوم النحر و بعض آدابه و أحكامه الثلاثاء أكتوبر 28, 2008 5:26 pm
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
جزاك الله خيرا شيخنا و أستاذنا أثقل الله بما تقدم ميزان حسناتك و نرجو من الله أن تكون بيننا في عيد الأضحى و لم لا أن تؤمنا في صلاة العيد في مسجد من المساجد و ما ذلك على الله بعزيز
.
عمار جعيل الإدارة
عدد الرسائل : 1223 العمر : 57 تاريخ التسجيل : 21/11/2007
موضوع: رد: فضل يوم النحر و بعض آدابه و أحكامه الثلاثاء نوفمبر 10, 2009 2:49 pm
مؤمن كتب:
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
جزاك الله خيرا شيخنا و أستاذنا أثقل الله بما تقدم ميزان حسناتك و نرجو من الله أن تكون بيننا في عيد الأضحى و لم لا أن تؤمنا في صلاة العيد في مسجد من المساجد و ما ذلك على الله بعزيز
.
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته
اللهم آمين ... و أشكرك جزيلا أخي " مؤمن " على دعواتك و مشاعرك الأخوية النبيلة حفظك الله و رعاك ، و ألف بفضله و رحمته بين قلوبنا و جمع شملنا .