عمار جعيل الإدارة
عدد الرسائل : 1223 العمر : 57 تاريخ التسجيل : 21/11/2007
| موضوع: ما يفسد الصيام و ما لا يفسده الجمعة أغسطس 29, 2008 9:28 pm | |
| بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ أيها الأفاضل : السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
من رحمة الله تعالى بعباده أن شرع لهم دينًا قِيَمًا يضبط سلوكهم ويزكي نفوسهم، فأنزل لهم كتابًا مبينًا، وأرسل رسولاً أمينًا ، فبشَّر وأنذر، ووعد وحذر ، وجاء بشريعة تضمنت الحلال والحرام ، والواجبات والمحظورات، كل ذلك تحقيقًا لخير الفرد والمجتمع ، في الآجل والعاجل: (( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير )) (الملك 14). وكما أن للعبادات الشرعية شروطًا وأركانًا ، لا تصح ولا تسقط عن المكلف إلا بها ، فإنها لها كذلك مفسدات ومبطلات إذا طرأت عليها أفسدتها ، وأبطلت أجرها وثوابها . وقد تقدم الكلام ـ في موضوع سابق ـ على شروط الصوم وأركانه ، وبقي ما يتعلق بمفسداته ومبطلاته التي ينبغي أن يتجنبها الصائم ليكون صومه صحيحاً مقبولاً إن شاء الله ، وهي سبعة أنواع :
أولاً : الجماع والجماع في نهار رمضان أعظم مفسد للصوم، ففي " الصحيحين " عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: (( جاء أعرابي إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال : هلكت ؟ قال: وما أهلكك ؟ قال : وقعت على امرأتي في رمضان ...)) فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - بالكفارة ، مما يدل على أن الجماع مفسد للصوم، وهو محل إجماع بين العلماء.
ثانيًا: الأكل والشرب وهو إيصال الطعام والشراب إلى الجوف من طريق الفم أو الأنف أياً كان نوع المأكول أو المشروب ، فمن فعل شيئًا من ذلك متعمدًا فقد فسد صومه لقوله تعالى : (( وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيَض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل )) ( البقرة 187) .
أما من أكل أو شرب ناسيا ، فلا يؤثر ذلك على صيامه لحديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : (( من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه ، فإنما أطعمه الله وسقاه )) .
ثالثًا : ما كان في معنى الأكل والشرب كالإبر المغذية ونحوها مما يكتفى به عن الأكل والشرب ، فإذا تناول الصائم مثل هذه الإبر فإنه يفطر، لأنها وإن لم تكن أكلاً وشرباً حقيقة إلا أنها بمعناهما ، فيثبت لها حكم الأكل والشرب ، و أما الإبر غير المغذية فإنها لا تفطر سواء تناولها عن طريق العضلات ، أو عن طريق الوريد ، لأنها ليست أكلاً ولا شرباً ولا بمعناهما ، فلا يثبت لها حكمهما .
رابعًا: القيء عمدًا وهو إخراج ما في المعدة من طعام أو شراب عن طريق الفم ، إذا تعمّد الصائم فعل ذلك ، وأما إن غلبه القيء وخرج من غير إرادته فلا قضاء عليه ، لحديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (( من ذرعه القيء فليس عليه قضاء ، ومن استقاء فليقض )) رواه أحمد و أبو داود . ومعنى ذرعه : سبقه وغلبه في الخروج . وسواء كان التعمّد بالفعل كعصر بطنه وإدخال أصبعه في حلقه ، أو بالشمّ كأن يشم شيئاً ليقيء به ، أو بالنظر كأن يتعمّد النظر إلى شيء ليقيء فإنه يفطر بذلك كله .
خامسًا: خروج دم الحيض والنفاس لقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في المرأة : (( أليس إذا حاضت لم تصل و لم تصم ؟ )) رواه البخاري. وقد أجمع أهل العلم على أن خروج دم الحيض أو النفاس مفسد للصوم ، فمتى رأت المرأة دم الحيض أو النفاس فسد صومها سواء كان ذلك في أول النهار أم في آخره ، ولو قبل الغروب بلحظة ، و أما إن أحسّت بانتقال الدم ، ولم يبرز إلا بعد الغروب ، فصيامها صحيح ، لأن مدار الأمر على خروج الدم .
سادسًا : إنزال المني باختياره فمن قبَّل أو لمس ، أو استمنى حتى أنزل فإن صومه يفسد ، لقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيما يرويه عن ربه: (( ..... يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي )) رواه أحمد . وخروج المني من الشهوة التي لا يتحقق الصوم إلا باجتنابها ، فإن قصد إليها بفعل ما ، لم يكن تاركًا لشهوته ، وبالتالي لم يحقق وصف الصائم الذي جاء في الحديث . أما إن كان إنزال المني عن غير قصد ، ولا استدعاء ، كاحتلام ، أو تفكير ، أو نتيجة تعب وإرهاق ، فلا يؤثر ذلك على الصوم . سابعًا : الحجامة وهي شقّ أو جرح عضو من الجسد كالرأس أو الظهر لمص الدم منه ، وقد اختلف أهل العلم في عدِّ الحجامة من مفسدات الصوم على قولين ، أصحهما أنها مفسدة للصوم لقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (( أفطر الحاجم و المحجوم )) رواه أبو داود و ابن ماجه . وكذلك ما كان في معنى الحجامة كسحب الدم الكثير للتبرع وما أشبه ذلك لأنّه يؤثر في البدن كتأثير الحجامة . وأما خروج الدم بالرّعاف أو الجرح أو قلع السن أو شق الجرح ، أو أخذ دم قليل للتحليل ، فلا يفطر به الصائم ، لأنه ليس بحجامة ولا بمعناها ، فلا يؤثر في البدن كتأثيرها .
ومما ينبغي أن يعلم في هذا الباب أن هذه المفسدات ـ غير الحيض والنفاس ـ لا يفطر الصائم بشيء منها إلا إذا كان عالماً ذاكراً مختاراً ، فإن كان جاهلا بالحكم فلا يفطر ، ولا يفطر كذلك إذا كان جاهلا بالحال ، كأن يظن أن الفجر لم يطلع فيأكل أو يشرب مع أنه قد طلع ، أو يغلب على ظنه أن الشمس قد غربت ، فيأكل وهي لم تغرب بعد .
وكذلك لا يفطر إن نسي أنه صائم لقوله ـ عليـه الصـلاة والسلام ـ (( من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه ، فإنما أطعمه الله وسقاه )) متفق عليه . لكن عليه أن يمسك حال التذكر ، ويخرج ما في فمه من الطعام والشراب ، وعلى من رآه يأكل أو يشرب أن يذكره وينبهه .
وكذلك لا يفطر إذا كان مكرهاً على ارتكاب شيء من هذه المفطرات ، ولا قضاء عليه ، لقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (( إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه )) رواه ابن ماجه .
وهناك أحكام تتعلق بالقضاء ، وما يترتب على فساد الصوم ، سيتم الحديث عنها في موضوع مستقل إن شاء الله .
| |
|
أصيل عضو فعال
عدد الرسائل : 156 العمر : 51 تاريخ التسجيل : 12/11/2007
| موضوع: رد: ما يفسد الصيام و ما لا يفسده الإثنين سبتمبر 01, 2008 5:28 pm | |
| بسم الله الرحمن الرحيم جزاك الله خيرا شيخنا و أستاذنا و أخانا الفاضل لقد وفيت و كفيت أثقل الله ميزان حسناتك و رمضان مبارك . | |
|