إرتفع عدد ضحايا حادث المرور الذي وقع صباح يوم الخميس بالطريق الوطني رقم 4 بالمكان المسمى "قواسم" الواقع قرب بلدية عقاز التابعة لولاية معسكر الجمعة إلى 23 قتيلا بعد أن سجلت مصالح الاستعجالات الطبية لمستشفى وهران الجامعي وفاة شخصين آخرين من بين الجرحى الذين نقلوا إليه فور وقوع الحادث.
شهد الطريق الوطني رقم 4 الرابط بين مدينتي سيڤ، بولاية معسكر ومدينة تليلات التابعة لولاية وهران، صباح يوم الخميس، حادث مرور مأساوي، وبالضبط بالمنطقة المسماة "ماردو"، على بعد حوالي 15 كيلومترا عن مدينة سيڤ، وحوالي 70 كيلومترا عن عاصمة الولاية معسكر، والمتمثل في اصطدام شاحنة لنقل الركاب من نوع "ميڤر" كانت قادمة من ولاية وهران ومتجهة نحو مدينة تخمرت بولاية تيارت
بعض الضحايا من عائلة واحدة وقوة الاصطدام تفحم الجثث
وذلك عندما حاول سائقها تجاوز مركبة صغيرة كانت أمامه، قبل اصطدامها بسيارة لنقل المسافرين من نوع "جي 5"، كانت متجهة نحو دائرة عڤاز وقادمة من مدينة سيڤ. هذا الحادث الأعنف من نوعه من حيث حصيلة الضحايا، وقع على الساعة العاشرة و55 دقيقة، أدى في البداية إلى مقتل 18 شخصا، منهم 15 رجلا وثلاث نسوة، و25 جريحا، منهم سبعة في حالات خطيرة، استدعت نقلهم إلى المستشفى الجامعي لوهران، غير أن الحصيلة ارتفعت في حدود الثالثة مساء عندما توفي ثلاثة من بين السبعة الذين وجهوا إلى وهران، لتستقر الحصيلة عند 23 قتيلا ويبقى عدد الجرحى 22 مصابا، خمسة منهم لايزالون بالمستشفى الجامعي ونقل وقتها 18 آخرون إلى مستشفى مدينة سيڤ لتلقي الإسعافات، حيث غادروه كلهم عدا طفل واحد يدعى مقرات علي البالغ من العمر 16 سنة، فقد بقي تحت العناية الطبية، علما أن أعمار المصابين بجروح تراوحت مابين ثلاث سنوات، وهو عمر الطفلة بلعيد سعاد، و81 سنة، وهو سن عجوز تدعى بلعربي روبة المصابة بكسور وجروح في الفخذ.
القتلى 20 كلهم كانوا على متن سيارة النقل الجماعي من نوع "جي 5"، وبما أن قوة الاصطدام كانت عنيفة وصلابة الحافلة وعلوها عن المركبة الثانية، فإن جميع ممن كانوا متوجهين نحو عڤاز على متن "جي5" توفوا، 18 منهم لقوا مصرعهم في عين المكان، ولحق ثلاثة مساء.
وقد ذكرت مصادر أمنية مسؤولة، أن صاحب الحافلة لم ينتبه لقدوم السيارة مع إفراطه في السرعة، ولم يتمكن من كبح فرامل حافلته، حيث ارتطمت بها، لدرجة أن سيارة النقل الجماعي بقيت تحت عجلات الحافلة وزحزحتها بالاتجاه المعاكس على مسافة 50 مترا. وإذا تفحصنا قائمة الضحايا، فإن جميع الجرحى من ولاية تيارت كانوا على متن الحافلة، أما القتلى فإنهم من مناطق ليست بعيدة عن سيڤ، يقطنون بزهانة، عڤاز، العلايمية، بوهني. ومن بين قائمة الموتى عائلتان، تتكون الأولى من ثلاثة أفراد وتقطن بوسط مدينة سيڤ، ويتعلق الأمر بعائلة بن حلو التي توفي الأب علي وابنه الرضيع محمد ذو السنة والنصف وزوجته نورية مومن. أما العائلة الثانية، فهي تتكون كذلك من ثلاثة أفراد، ويتعلق الأمر بعائلة لعسة، حيث توفي بها الوالد أحمد وابناه مختار ونبيل.
وفور انتشار الخبر، سارع إلى عين المكان كل من الأمين العام للولاية في غياب الوالي المتواجد في عطلة والمدير الولائي للحماية المدنية وقائد المجموعة الولائية للدرك الوطني لمعسكر. وبعد نقل المصابين والموتى إلى مستشفى سيڤ، أصدر الوالي أمرا يقضي بالتكفل العاجل بالجرحى، وهو أمر تلقته السلطات المحلية للولاية عن رئيس الحكومة أحمد أويحيى الذي نقل تعازي رئيس الجمهورية إلى عائلات الضحايا وتعاطفه معهم في مصابهم الجلل. كما أمر رئيس الحكومة بتعميق التحقيق في القضية لمعرفة الأسباب الرئيسية، وهي المهمة التي تكفلت بها مصالح الدرك الوطني التي فتحت تحقيقا. وفي الوقت ذاته، أعلن عن تشكيل خلية متابعة بسيڤ للوقوف عند مستجدات الحادثة ولمتابعة مدى اهتمام السلطات المحلية بعائلات الضحايا. وطيلة الساعات التي أعقبت الحادث، شهد مستشفى مدينة سيڤ حالة من الفوضى والضجيج، تمثلت في تهافت سيارات الإسعاف التابعة للمؤسسات العمومية لسيڤ والمحمدية ومعسكر، وكذا سيارات الحماية المدنية التابعة لوحدات ذات المناطق ومركبات فرق الدرك الوطني القريبة، إضافة إلى أهالي الضحايا الذين غصت بهم مدينة سيڤ، وسط إغماءات وإصابات بنوبات مرضية، خاصة لدى العجزة، لدرجة أن مدينة سيڤ لم تستوعب الكم الهائل من السيارات القادمة من كل الاتجاهات، حيث لم تتمكن أجهزة الأمن من فك الخناق الذي ضرب على الطريق الوطني إلى غاية الرابعة مساء.
سيڤ وزهانة تودعان ضحاياها
ووسط جو مهيب، يطبعه الخشوع والتضرع، شيع في أمسية متأخرة من يوم الخميس، سكان منطقة زهانة ضحاياهم الموتى إلى مثواهم الأخير، حيث تمّ دفنهم بمقبرة سيدي صالح ببلدية زهانة، وسط تظافر جهود المواطنين وبحضور سلطات الولاية المدنية والعسكرية. نفس المشهد شهدته مقبرة 203 مسكن بسيڤ، التي شيعت بها جنازة الكثير من الضحايا، ودامت المراسيم إلى غاية الفترة الليلية، ووقتها كان هناك حديث عن بقاء ستة قتلى فقط لم يسلموا إلى أهاليهم.
تفحم الأجساد وغياب بطاقات الهوية يمنعان من التعرف على الضحايا
أثناء التحقيقات الأولية لمصالح الأمن ونقل القتلى إلى المؤسسات الاستشفائية، لم يتم التعرّف على ثلاثة من بين القتلى، وهو أمر صعب من مهمة المحققين، وحتى المواطنين الذين قدموا للتعرف على أهاليهم، وذلك بسبب تشوه أجسادهم من جهة وعدم امتلاكهم لبطاقات الهوية، وبقيت هوية ثلاثة منهم، واحد توفي بوهران، غير معروفة إلى غاية الفترة المسائية من يوم الخميس.
أب خرج للتقاعد منذ أيام وابن يحضر لمراسيم زفافه
مأساة عائلة لعسة من مدينة سيڤ، أعمق من باقي المآسي ولو تشابهت؛ لأنها فقدت ثلاثة من أفرادها في هذا الحادث في لحظة واحدة، ويتعلق الأمر بالوالد أحمد، صاحب 56 سنة الذي أراد الارتياح من عناء ومشقة العمل الذي لازمه طيلة 30 سنة، فخرج للتقاعد منذ أيام، آملا أن يفتح صفحة مع الراحة والعبادة والتوجه نحو البقاع المقدسة وأن يبقى يلاحظ أحفاده أمامه، خاصة وأن ابنه كان على موعد مع زفافه ويتعلق الأمر بالابن مختار، صاحب 32 سنة، الذي توفي هو الآخر في الحادث وهو لايزال يحضر لمراسيم زفافه المزمع تنظيمه بعد أيام، غير أنه لم يصله يوم زفافه، كما كان برفقتهما الابن نبيل الذي مات بين شقيقه ووالده وخلت العائلة من الأفراد الثلاثة.
مثال ثان على ما خلفته هذه المأساة صباح يوم الخميس بالقرب من مدينة سيڤ، ويتعلق الأمر بعائلة بن حلو التي لم تنعم طويلا بفراش الزوجية، حيث أن الزوج علي وقرينته مومن نورية، لم يمض على زواجهما السنتان ونصف حتى لقيا مصرعهما في حادث مرور وهما متجهان إلى عڤاز. كما أن رضيعهما بن حلو محمد الذي لم يمض على ميلاده السنة ونصف لم يترك له هذا الحادث فرصة ليعمر ولو لأشهر إضافية حتى يمتع والديه بنداء الأبوة والأمومة.
وقد وصل صباح أمس الجمعة وزير النقل، عمار تو، إلى مكان وقوع الحادث، حيث عاين المكان وأمر باتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة، كما تنقل إلى المستشفى الجامعي لوهران للوقوف على حالة المصابين وأمر كذلك بالتكفل الجيد بحالاتهم. ونقل تو تعاطف وتعازي رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة إلى عائلات الضحايا.
ويعتبر الطريق الوطني رقم 4 بمعسكر، خاصة شقه الرابط بين مدينتي سيڤ التابعة لمعسكر ووادي تليلات التابعة لوهران، محورا للموت، إذ أنه غالبا ما يكون قتلاه بالجملة، فهو مصنّف وطنيا بأكبر نقطة سوداء، ذلك لأنه يقع في عقبات ومنحدرات صعبة، لدرجة أنه كلما سمع بوقوع حادث مرور بإقليم ولاية معسكر، إلا اتجهت الأنظار نحو هذا المحور، أضف إلى ذلك أن أغلب هذه الحوادث تقع صيفا وأيام الخميس بسبب اتجاه أغلب المواطنين من الولايات المجاورة إلى شواطئ البحر للاستجمام وكثرة مواكب الأعراس، ثم أن أغلب حافلات نقل المسافرين عبر الولايات تسلك هذا الطريق.
قائمة الضحايا
عائلة بن حلو ـ سيڤ
بن حلو علي (الأب)
بن حلو محمد (رضيع عمره سنة ونصف)
مومن نورية زوجة السيد بن حلو
عائلة لعسة ـ سيڤ
لعسة أحمد (56 سنة، الأب)
لعسة مختار (32 سنة، الابن الأكبر)
لعسة نبيل (الابن الأصغر)
بقية الضحايا:
ـ محمد بن عثمان الحاج (عڤاز)
ـ بوش معاشو (عڤاز)
ـ الشيخ بلال (زهانة)
ـ عثمان بوعمامة (زغلول)
ـ بلعمري حبيب (بوهني)
ـ الشيخ قادة (زهانة)
ـ توهامي الحاج (سيڤ)
ـ عامر عبد الله (العلايمية)
ـ عبد الخالق زكرياء (3 سنوات ـ سيڤ)
ـ مرابط لوافي (48 سنة)
ـ بن أحمد محمد (49 سنة).
الأربعة الباقون لم يتم التعرّف على هويتهم، منهم المتواجدون بمستشفى وهران بسبب عدم امتلاكهم بطاقات الهوية وتشوّه أجسادهم.