عمار جعيل الإدارة
عدد الرسائل : 1223 العمر : 57 تاريخ التسجيل : 21/11/2007
| موضوع: إنه داء فتّاك فلنحذره ؟؟؟؟ الخميس يونيو 05, 2008 5:14 pm | |
| بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ أيها الأفاضل : السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
كثيرة هي تلك الأمراض التي تصيب القلوب فتعميها ، و لعل أخطرها " الغرور " لشدّة فتكه بالنفوس ، و كثرة ما يتوالد عنه من أمراض، و لسرعته إلى رجال الفكر و العمل ، و ما أبعد المبتلى به عن معرفته بنفسه ، وتواضعه لإخوانه ، و انقياده للحق ، و اعترافه بالخطأ و رجوعه إلى الصواب .
و المغترّون أنواع و أشكال:
فمنهم المغتر بماله و ولده و منهم المغتر بعلمه و عملهو منهم المغتر بشعره و أدبهو منهم المغتر بمنصبه و وظيفتهو منهم المغتر بزيّه و شارتهو منهم المغتر بجماله و وسامته
و الكلّ جاهل لقدره ، غافل عن حقيقته ، مستدرج بما سيق إليه ، مفتتن بما منح إيّاه ، قال الله تعالى : (( إنما نملي لهم ليزدادوا إثما )) ، و قال الله تعالى : (( سنستدرجهم من حيث لا يعلمون )) ، و قال الله تعالى : (( أيحسبون أن ما نمدهم به من مال و بنين نسارع لهم في الخيرات ؟بل لا يشعرون ))، و قال الله تعالى : (( .. فتحنا عليهم أبواب كل شيء ، حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون )) .
فلا عجب ـ و المرض بهذه الخطورة ـ أن يقاومه الإسلام مقاومة تستأصل جذوره ، و أن يزيح الستار عن مخازيه بما يفضح كلّ مغرور و يكشف غروره .
و لما كان الغرور ينشأ من غفلة المغرور عن أصل خلقته و مادة تكوينه ، كان القرآن لا يفتأ يقرع سمعه بمثل قوله تعالى : (( فلينظر الإنسان ممّ خلق )) تذكيرا بأصله .
قال " عبد الله بن مطرف " " للمهلّب بن أبي صفرة " ـ و قد رآه لابسا حلة ، و هو يسحب ذيلها على الأرض و يمشي الخيلاء ـ : " ما هذه المشية التي يبغضها الله ورسوله ؟ قال : أما تعرف من أنا ؟ قال : بلى أعرفك : أوّلك نطفة مذرة ، و آخرك جيفة قذرة ، و حشوك فيما بين ذلك بول و عذرة ففيم الخيلاء ؟ و علام الكبرياء ؟ فخلع " المهلب " الحلة و رمى بها إلى خدمه " .
و إذا كان كل من الإنس و الجن يرى أنه المخلوق الممتاز فتحدّثه نفسه بالغرور ، فقد أشعر الله كلا منهما بأنه خلق من شيء تافه ضعيف لا يوحي بالغرور ، إذ يقول للإنس: (( ألم نخلقكم من ماء مهين ))، كما يقول للجن: (( و خلق الجان من مارج من نار ))، و إن هذه الومضة المشرقة التي تواجهنا في لفظة (( مهين )) لتذكرنا و تفتح بصائرنا على المادة الأولى التي خلق منها هذا المخلوق المغرور المتكبّر ، و هي التراب التافه الرخيص الذي تدوسه الأقدام و تطؤه النعال ؟؟؟؟.
و إذا منح الله الإنسان قوّة سخّر له بها كل ما في البرّ و البحر ، فكانت هذه القوة من أعظم دواعي الغرور في نفسه ، فليتذكر أن بـــقّــة واحدة تسبب له من الآلام ما يمنع جفونه أن تنام؟؟؟ و لله در " علي بن أبي طالب " ـ رضي الله عنه ـ إذ قال : " مسكين ابن آدم : محدود الأجل ، محسوب العمل ، طويل الأمل ، تؤلمه البقة ، و تنتنه العرقة ، و تقتله الشرقة " .
فمن أية الطرق ـ يا ترى ـ يأتي الغرور للإنسان؟؟ و هو لو اجتمعت له كل أسباب النجاح ، و توفرت لديه كافة ألوان السعادة ، لأبعد خيال الغرورعن نفسه ، لأنه يعلم علم اليقين أنه سيفارق كل ما يغتر به و يعتز بوجوده في يوم من الأيام ؟؟؟
و لله در من قال : " ما أصنع بدنيا ، لو بقيت لها لم تبق لي ، و لو بقيت لي لم أبق لها " .
و لما حضرت " معاوية " الوفاة جمع أهله فقال لهم : " ألستم أهلي ، و عليكم حزني ، و لكم كدي و كسبي ؟ قالوا : بلى ، قال : فهذه نفسي خرجت من قدمي فردّوها عليّ إن استطعتم ؟ ثم بكى و قال : من تغرّه الدنيا بعدي ؟؟ " .
و لكن المغرور أبعد ما يكون عن ذكر الموت ، لأنّ من ذكر الموت نسي الغرور ، فإنّ كل ما في هذه الحياة من متع و ملذات سماه الله متاع الغرور إذ قال : (( و ما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور )) .
و من علامات المغرورين : التطلّع للشهرة ، وحبّ الثناء ، و ذيوع الصيت ، و الاستئثار بالمناصب و الاستبداد بالرأي ، و اللجاج في الخصومة ، و كل ذلك قاومه الإسلام دين التواضع و التسامح ، و التشاور و التعاون والتضامن ، و الرجوع إلى الحق ، و الرضوخ لرأي الجماعة لأن يد الله مع الجماعة و من شذّ ، شذ في النار .
و رحم الله "عمر بن عبد العزيز" الذي قيل له : " جزاك الله عن الإسلام خيرا " فقال : " بل جزى الله الإسلام عني خيرا ".
أخوكم : عمار جعيل
عدل سابقا من قبل عمار جعيل في الأحد نوفمبر 27, 2011 5:48 pm عدل 2 مرات | |
|
الغزالي عضونشيط
عدد الرسائل : 54 العمر : 51 تاريخ التسجيل : 19/12/2007
| موضوع: رد: إنه داء فتّاك فلنحذره ؟؟؟؟ الأربعاء يوليو 23, 2008 1:55 am | |
| بسم الله الرحمن الرحيم جزاك الله خيرا شيخنا الفاضل على هذه الموعظة البليغة و التذكرة التي تصفع كل نفس مريضة بالغرور فتعيدها إلى جادة الصواب ، و ربي يحفظنا جميعا من هذا الداء ، و بارك الله فيك .
| |
|
عمار جعيل الإدارة
عدد الرسائل : 1223 العمر : 57 تاريخ التسجيل : 21/11/2007
| موضوع: رد: إنه داء فتّاك فلنحذره ؟؟؟؟ الخميس يوليو 24, 2008 5:25 pm | |
| - الغزالي كتب:
بسم الله الرحمن الرحيم
جزاك الله خيرا شيخنا الفاضل على هذه الموعظة البليغة و التذكرة التي تصفع كل نفس مريضة بالغرور فتعيدها إلى جادة الصواب ، و ربي يحفظنا جميعا من هذا الداء ، و بارك الله فيك .
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ السلام عليكم و رحمة الله و بركاته اللهم آمين ، بارك الله فيك أخي الكريم " الغزالي " ، و الله أسأل أن يرزقني و إياك العلم النافع و الفهم السليم و يفقهنا في دينه ، و يطهر قلوبنا و ألسنتنا و يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه .
| |
|