بسم الله الرحمن الرحيم
نبذة تاريخية عن حياة الشيخ عبد الحميد بن باديس ( رحمه الله )
مولده :
ولد عبد الحميد بن محمد بن مصطفى بم مكي بن باديس في ليلة الجمعة الرابع عشر من شهر ديسمبر سنة 1889 في مدينة قسنطينة بالشرق الجزائري و كان الولد البكر لوالديه .
دراســـتـــه :
تلقى عبد الحميد بن باديس تعليمه على الطريقة التقليدية فحفظ القرآن الكريم و سنه لم يتجاوز الثالثة عشر عاما ، و كان المؤدب الذي حفظ عليه القرآن معجبا به إعجابا كبيرا نظرا لذكائه و استقامة خلقه و سيرته الطيبة و لذلك قدمه لإمامة المصلين في صلاة التراويح في شهر رمضان المعظم لمدة ثلاث سنوات متوالية في الجامع الأخضر بقسنطينة و لم يلتحق عبد الحميد بالمدارس الفرنسية كغيره من أبناء العائلات الكبيرة في ذلك الوقت لأن والده فضل أن يربيه تربية إسلامية خالصة .
العوامل التي أثرت في تكوينه :
هناك مجموعة من العوامل تظافرت في تكوين شخصية ابن باديس من الناحية النفسية و الفكرية و الأخلاقية و الوطنية من أهمها :
1-توجيه والده الصالح له : حيث رباه تربية دينية و خلقية فاضلة و وجهه وجهة صالحة و اختار له طريق العلم و انتقى له معلمين ممتازين جمعوا بين غزارة العلم و سمو الأخلاق .
2- علم أساتذته و توجيههم و نصحهم له : فقد تعهده أساتذته بالرعاية و التوجيه و الصقل المستمر لمواهبه و تجاوزوا به حد التعلم و التثقيف إلى التربية و التهذيب و التوجيه السديد .
3- مؤازرة زملائه في جمعية العلماء : حيث ساندوه في الأعمال التي قام بها من أجل النهضة في الجزائر و تحملوا معه المشاق و المتاعب و احتضنوا معه الحركة الإصلاحية حتى انبعثت و ازدهرت .
4- تجاوب الشعب الجزائري معه : حيث عمل ابن باديس على رعاية شعبه و تنمية الخصال الحميدة الموجودة فيه كالكرم و النجدة و الشهامة و الاستعداد الكامل للبذل و العطاء و التضحية .
5- تأثره بالقرآن الكريم : فقد وهب الشيخ ابن باديس الجزء الأكبر من حياته الخاصة بتعلمه و تدبره و تفسيره للناس و قد أتم تفسيره و دراسته في 15 عاما .
نشاطاته المختلفة :
تميز نشاط الشيخ عبد الحميد بن باديس بالغزارة و الكثافة ، فقد أعاد للمسجد دوره حيث رابط في الجامع الأخضر بقسنطينة أكثر من ربع قرن يعلم و يربي الشبيبة بالنهار ، و يعظ و يرشد و يفسر القرآن الكريم و يشرح الحديث بالليل ، كما قام بإنشاء مدرسة ابتدائية ، كما نشط أيضا بالصحافة و يعتبر من أبنائها لذلك اتجه إليها بقوة و بحماس كبيرين و من بين الجرائد التي أصدرها جريدة المنقذ سنة 1920 ، و جريدة الشهاب سنة 1925 ، و عمل رفقة أصدقائه من المخلصين بتأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين و التي شملت مدارسها القطر الجزائري إذ بلغ عدد مدارسها حتى عام 1954 : 150 مدرسة .
وفاته و حزن الشعب الجزائري عليه :
لقد عاش ابن باديس للفكرة و المبدأ و مات و هو يهتف *فإذا هلكت فصيحتي تحيا الجزائر و العرب* و تدهورت صحته في السنوات الأخيرة و أصيب بسرطان في الأمعاء لم يتفرغ لعلاجه فقضى عليه في النهاية و لفظ أنفاسه الأخيرة في ليلة الثلاثاء 08 ربيع الأول سنة 1359 هـ ، الموافق لـ : 16 أفريل 1940 م في مسقط رأسه بمدينة قسنطينة و التي كانت مقر إقامته قبل وفاته إذ منعه المستعمر من مغادرتها ، و خرجت قسنطينة كلها تودعه الوداع الأخير كما حضرت وفود عديدة من مختلف جهات القطر الجزائري ، رحمه الله و أسكنه فسيح جنانه .